سورة الرعد - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرعد)


        


كما يريهم البرقَ- في الظاهر- فيكونون بين خوفٍ وطمعٍ؛ خوفٍ من إحباس المطر وطمع في مجيئه. أو خوفٍ للمسافر من ضرر مجيء المطر، وطمع للمقيم في نفعه.. كذلك يُريهم البرقَ في أسرارهم بما يبدو فيها من اللوائح ثم اللوامع ثم كالبرق في الصفاء، وهذه أنوار المحاضرة ثم أنوار المكاشفة.
{خَوْفَاً}: من أن ينقطع ولا يبقى، {وَطَمَعاً}: في أن يدومَ فيه نقلُ صاحبه من المحاضرة إلى المكاشفة، ثم من المكاشفة إلى المشاهدة، ثم إلى الوجود ثم دوام الوجود ثم إلى كمال الخمود.
ويقال: {يَرِيكُمُ الْبَرْقَ}: من حيث البرهان، ثم يزيد فيصير كأقمار البيان، ثم يصير إلى نهار العرفان. فإذا طلعت شموسُ التوحيدِ فلا خفاءَ بعدها ولا استتار ولا غروب لتلك الشموس، كما قيل:
هي الشمسُ إلا أَنَّ للشمس غيبة *** وهذا الذي نَعْنيه ليس يغيب
ويقال تبدو لهم أنوار الوصال فيخافون أن تجنَّ عليهم ليالي الفرقة، فَقَلَّمَا تخلو فرحةُ الوصال من أن تعقبها موجة الفراق، كما قيل:
أي يوم سررتني بوصالٍ *** لم تَدَعْني ثلاثةً بصدود!
قوله جلّ ذكره: {وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ}.
إذا انتاب السحابةَ في السماء ظلامٌ في وقتٍ فإنه يعقبه بعد ذلك ضحكُ الرياض، فَمَا لَمْ تَبْكِ السماءُ لا يضحكُ الروضُ، كما قيل:
ومأتمٌ فيه السماءُ تبكي *** والأرضُ من تحتها عَرُوسُ
كذلك تنشأ في القلب سحابة الطلب، فيحصل للقلب ترددُ الخاطر، ثم يلوح وجهُ الحقيقة، فتضحكُ الروح لفنونِ راحاتِ الأُنْس وصنوفِ ازهارِ القُرْب.


قوله جلّ ذكره: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ}.
أي الملائكة أيضاً تسبح من خوفه تعالى.
قوله جلّ ذكره: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِى اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ}.
قد يكون في القلب حنين وأنين، وزفير وشهيق. والملائكة إذا حصل لهم على قلوب المريدين- خصوصاً- اطلاعٌ يبكون دَمَاً لأَجْلهم، لا سيّما إذا وقعت لواحدٍ منهم فترةُ، والفترةُ في هذه الطريقة الصواعقُ التي يصيب بها من يشاء، وكما قيل:
ما كان ما أَوْلَيْتَ مِن وَصْلنا *** إلا سراجاً لاح ثم انْطَفا


قوله جلّ وذكره: {لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعَونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَئ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى المَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَلاغِهِ}.
دواعي الحق تصير لائحةً في القلوب من حيث البرهان فمن استمع إليها بسمع الفهم، استجاب لبيان العلم. وفي مقابلتها دواعي الشيطان التي تهتف بالعبد بتزيين المعاصي، فمن أصغى إليها بسمع الغفلة استجاب لصوت الغَيّ، ومعها دواعي النّفْس وهي قائدةٌ للعبد بزمام الحظوظ، فمن رَكَنَ إليها ولاحَظَها وقع في هوانِ الحِجاب.
ودواعي الحقِّ تكون بلا واسطة مَلَكٍ، ولا بدلالة عقل، ولا بإشارة علم، فمن أسمعه الحقُّ ذلك استجاب لا محالَة لله بالله.
قوله جلّ ذكره: {وَمَا دُعَاءُ الكَافِرِينَ إلاَّ فِى ضَلاَلٍ}.
هواجس النَّفسِ ودواعيها تدعو- في الطريقة- إلى الشّركِ، وذلك بشهود شيءٍ منكَ، وحسبان أمرٍ لَكَ، وتعريجٍ في أوطان الفرْق، والعَمَى عن حقائق الجَمْع.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8